الثلاثاء، 3 نوفمبر 2020

قراءة نقدية في رواية ثلاثية اللوحة الفارغة للأديب العراقي عبد الرضا صالح محمد بقلم الكاتبة الجزائرية زهراء كشان

 قراءة نقدية في رواية ثلاثية اللوحة الفارغة

للأديب العراقي عبد الرضا صالح محمد
بقلم الكاتبة الجزائرية زهراء كشان
القارئ لهذه الرواية ثلاثية اللوحة الفارغة و كأنه زائر لمدينة مزدحمة تنضح بالتفاصيل و الألوان أو متجول في حديقة غناء تعبق أزهارها برائحة المسك و العنبر.
برؤية فلسفية نبدأ رحلة القراءة و نستعد للغوص في أعماق النص، نتوغل بين السطور ، لنجد أنفسنا أمام رواية لا تشبه الروايات، خارقة سحرا و إبهارا، أبدع الكاتب في تصور أحداثها و عرض المواقف فيها في هدوء و جمال ، جديرة بالقراءة .
العنوان فلسفي ثلاثية كلمات يدفع القارئ على المضي السريع غير المنقطع لمتابعة القراءة ، هو عبارة عن مثلث كلمات يدلي بها الكاتب في زحمة الأفكار رسالة يبعث بها إلى القارئ ضمن الرسائل التي تكتنف الحروف و تختبئ بين السطور في نص الرواية ليفك طلاسمه في الفصل الثالث يطفو معناها و يتضح الهدف حيث نعرف أنه يقصد الوجوه الثلاثة ثلاثة أبعاد للوحة الواحدة.
تتضمن الرواية سبعة فصول في شفافية و التزام بالقواعد الصحيحة للكتابة يستهل الكاتب كل فصل بمقولة لفيلسوف ،أختار لكم من بين هذه المقولات ما راق لي الفصل الأول:ليس ثمة ألم أعظم من الأوقات السعيدة وسط الشقاء و البؤس . دانتي اليغيبري
عرض الكاتب أوجه التشابه و الاختلاف بين الواقعية و الرومانسية محافظا على الخصائص الفنية و المبادئ على مستوى وسائل التعبير الأدبية.
زينب ومختار وجهان لصورة واحدة ، زينب هي الشخصية الرئيسية في الرواية هي المرأة العاملة التي فقدت زوجها في انفجار هز وسط مدينة الموصل بالعراق، حيث قدمت استقالتها وتفرغت لإكمال رواية لم ينهها زوجها مختار رواية ثلاثية اللوحة الفارغة تقمصت أفكاره و رؤاه
مختار و هو أيضا شخصية أساسية في الرواية هو شاب ذكي و حاصل على شهادة جامعية عالية ضابط مجند و رسام ماهر تخرج من أكادمية الفنون الجميلة ألقي به في السجن دون أن يعرف موجبات سجنه ، تزوج من زينب لم ينقض الأسبوع عن زواجهما حتى سقط شهيدا في انفجار مدمر .
البناء الفني و الموضوع الذي تعالجه الرواية أسلوب النص و عباراتها في تناغم و انسجام ، الأحداث المؤثرة ذات دلالة على أبعاد ثلاثة متباينة من رؤى و شفافية الفكرة و جمال اللغة، فتتسع الدلالات بوعي ووضوح في الاستقراء و سمات كثيرة يتشبع بها النص تمنحنا الاستدلال و الفهم و تحثنا على التركيز و تحفزنا على متابعة القراءة، أساليب التعبير المختلفة التي تضفي جمالا على النص، كلمات بالعربية الفصحى غير مألوفة لكنها واضحة و مفهومة تدل على الرصيد المتنوع الذي يحتفظ به الروائي في بنك لغتنا العربية الفاخرة ، الأفكار متسلسلة و مرتبة ،الجمل مكملة لبعضها في أناقة و بهاء
اعتمد الكاتب النمطين السردي و الوصفي و استعان بخياله الخصب لبناء أحداث استمدها من الواقع مرتبطة بظروفه و بيئته، سادت نزعته الإنسانية و الدينية على أغلب المواقف، اعتمد بعض الوقائع التي عاشها مما ميز كلماته بالصدق ،
توشك النهاية أن تكون حزينة بموت مختار دون أن يكمل روايته إلا أن الكاتب يتدارك و يفاجئ القارئ بنهاية تبهج الصدر حيث تكتشف زينب أن مختار الصغير مختبئ في أحشائها و هي لم تكن تشعر بوجوده فتنتظر ميلاده و تنجح في إكمال الرواية وطباعتها في إحدى دور النشر.
نبذة عن الكاتب
من خلال هذه الرواية يتضح للقارئ من الوهلة الأولى أن الكاتب يحب الوطن و يتعاطف مع المرأة بمقولته الشهيرة التي قالها أمير المؤمنين علي لابنه الحسن عليهما السلام عن المرأة - المرأة ريحانة وليست قهرمانة-
عبد الرضا صالح محمد من العراق روائي و فنان تشكيلي ، يكتب القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً يهوى الرسم والنحت ولعب الشطرنج، ورياضة المشي
بفضل جهوده الفكرية و الفلسفية و الأدبية ومن خلال كتاباته المميزة استطاع أن يرسم الأثر بالألوان في الحركة التاريخية الاجتماعية الثقافية و الفنية و مازال قلمه النابض يرقى للمساهمة في نهضة ثقافة عربية راقية
بما أنّ الأستاذ عبد الرضا صالح صاحب قضية اجتماعية وإنسانية و عادة ما يكون موضع الكاتب هو بمثابة الموجِّه فهو ينصح الآخرين ولشريحة الشباب من كلا الجنسين بالخصوص بالحذر من الأفكار الغربية التي تسيء للعروبة والإسلام، والتحصّن بالعلم والمعرفة لصالح بلداننا العربية.
ـ
L’image contient peut-être : 1 personne